التواء الركبة: فهم للأسباب والأعراض والعلاج ومدة الشفاء

التواء الركبة

التواء الركبة من الإصابات الشائعة، ويحدث عندما تتحرك الركبة بشكل غير طبيعي يتجاوز قدرة الأربطة على التحمّل. قد يحدث أثناء المشي على أرض غير مستوية، أو التفاف مفاجئ أثناء حمل وزن، أو أثناء ممارسة الرياضة. المشكلة ليست في “الالتواء” نفسه، بل في تأثيره على الأربطة والغضاريف والأنسجة المحيطة، وما يترتب عليه من ألم وتورم وصعوبة في الحركة. فهم ما يحدث داخل الركبة يساعدك على التعامل مع الإصابة بشكل صحيح منذ اللحظة الأولى.

ما هو التواء الركبة؟

الركبة تعتمد على مجموعة من الأربطة لتبقى ثابتة أثناء الحركة، أهمها: الرباط الجانبي الداخلي، الرباط الصليبي الجانبي الخارجي، الرباط الصليبي الأمامي والخلفي.
عند حدوث التفاف مفاجئ أو تحميل زائد، تتمدد هذه الأربطة أكثر من قدرتها الطبيعية. أحيانًا يكون التمدد بسيطًا، وأحيانًا قد يحدث تمزق في جزء من الرباط.

ما يشعر به المريض مباشرة يعكس ما يجري داخل المفصل:

ألم مباشر لحظة حدوث الحركة
تورم خلال ساعات بسبب تجمع السوائل حول الرباط المصاب
إحساس بعدم الثبات وكأن الركبة “تتخلى عنك” عند الوقوف أو الالتفات
صعوبة في المشي أو ثني الركبة لأن الأربطة لم تعد قادرة على ضبط الحركة كما يجب

ورغم أن هذا النوع من الإصابة لا يصل إلى درجة “التمزق الكامل”، إلا أنه ليس إصابة بسيطة؛ فعدم علاجه بشكل صحيح قد يحوّله إلى ضعف مزمن في الركبة ويزيد احتمال تكرار الالتواء أو تآكل الغضروف بمرور الوقت.

أسباب التواء الركبة

ليس شرطًا أن يكون السبب سقوطًا قويًا. أغلب الحالات تحدث بسبب حركة بسيطة غير محسوبة.

1) حركة التفاف مفاجئة
الدوران السريع أثناء المشي أو الالتفاف دون رفع القدم من الأرض يضغط على الأربطة.
الحالات الشائعة:
– تغيير اتجاه الحركة فجأة
– الالتفاف أثناء حمل وزن
– المشي على أرض غير مستوية

2) السقوط أو اصطدام مباشر
قد تنحني الركبة فجأة أو تتحرك للداخل أو الخارج، فيحدث التواء أو تمزّق.

3) ضعف العضلات مع التقدم في العمر
ضعف عضلات الفخذ يجعل الرباط يتحمّل المجهود وحده، فيتأذى مع أقل حركة.
هذه من أكثر الأسباب لدى كبار السن.

4) إجهاد متكرر
الطلوع الكثير للدرج، الركوع المتكرر، أو الوقوف الطويل يضعف الأربطة بمرور الوقت.

ما يشعر به المريض؟
ألم فوري، ثم تورم يظهر خلال الساعات التالية، مع صعوبة في ثني أو فرد الركبة.

ما هي أعراض التواء الركبة؟

الأعراض قد تختلف من شخص لآخر، لكنها تتبع غالبًا نمطًا واضحًا يساعد على فهم ما يحدث داخل الركبة. عند حدوث التواء، تتأثر الأربطة والأنسجة المحيطة، لذلك تظهر مجموعة من العلامات المميزة:

1) ألم فوري بعد الحركة
الألم يظهر في اللحظة نفسها التي تلتف فيها الركبة أو تتعرض للحركة الخاطئة. السبب هو شدّ مفاجئ في الرباط أو حدوث تمزق بسيط فيه.
الألم قد يكون خفيفًا في الإصابات البسيطة، أو قويًا جدًا في الإصابات المتوسطة والشديدة.

2) تورّم خلال ساعات
بعد الإصابة يبدأ المفصل بتجميع السوائل كاستجابة طبيعية للالتهاب.
أحيانًا يكون التورم سريعًا خلال ساعة، وأحيانًا يظهر تدريجيًا على مدى اليوم.
تورّم واضح يعني أن الرباط تعرض لإجهاد أو تمزّق يحتاج إلى راحة وفحص مناسب.

3) صعوبة ثني الركبة أو فردها
عندما تتأذى الأربطة، يفقد المفصل جزءًا من قدرته على الحركة الطبيعية.
يحاول المريض ثني الركبة فيجد أن الحركة “تشدّ” أو تسبب ألمًا عميقًا، وقد يشعر بأن المفصل متيبس.

4) إحساس بعدم الثبات أو “خيانة” الركبة
من أهم العلامات.
يشعر المصاب أن الركبة لا تمسك جيدًا، أو أنها قد تنحرف أو “تسقط” فجأة عند الالتفاف أو النزول عن الدرج.
هذا الإحساس سببه فقدان جزء من الدعم الذي توفره الأربطة.

5) سماع أو الإحساس بصوت “طَقّة” وقت الإصابة
هذا الصوت قد يدل على تمزق في أحد الأربطة — خصوصًا الرباط الصليبي الأمامي — أو على تحرّك غضروف داخل المفصل.
وجود الطقة مع تورم سريع عادة يعني إصابة أكثر من مجرد التواء بسيط.

هذه الأعراض مجتمعة تساعد في تحديد شدة الالتواء، وتمييز الحالات التي تحتاج إلى راحة فقط من الحالات التي تتطلب فحصًا طبيًا لتجنب حدوث ضعف مزمن في الركبة.

كيف يتم تشخيص التواء الركبة؟

التشخيص يبدأ دائمًا بالفحص السريري، ثم تُستخدم الصور فقط إذا كان هناك شك في إصابة أعمق. الهدف هو معرفة أي رباط تأذّى، ودرجة الإصابة، وهل يوجد ضرر آخر داخل المفصل.

1) الفحص السريري
هذه الخطوة هي الأساس. الطبيب يستطيع تحديد الرباط المصاب دون حاجة فورية للأشعة من خلال:
– الضغط على مناطق معينة حول الركبة لمعرفة نقطة الألم
– اختبار ثبات المفصل أثناء الحركة
– تقييم مدى قدرة الركبة على الثني والفرد
– ملاحظة طريقة المشي والانحرافات التي قد تظهر بعد الإصابة

هذه الاختبارات تعطي صورة واضحة عن نوع الالتواء وشدّته.

2) الأشعة السينية
لا تُظهر الأربطة لأنها أنسجة لينة، لكنها مهمة لاستبعاد وجود كسر مرافق، وهو أمر قد يحدث عند الإصابات الشديدة.

3) الرنين المغناطيسي (MRI)
يُستخدم في الحالات التي يُشتبه فيها بوجود تمزق في الأربطة أو الغضروف.
يعطي صورة تفصيلية لما يجري داخل المفصل، ويُستخدم عادة عند وجود تورم كبير أو عدم ثبات واضح.

4) الأمواج فوق الصوتية (Ultrasound)
مفيدة في تقييم التورم حول المفصل، ويمكنها إظهار بعض التمزقات السطحية في الأربطة القريبة من الجلد.

التشخيص الحقيقي هو مزيج بين الفحص السريري والصور عند الحاجة، وليس الاعتماد على الأشعة وحدها.

علاج التواء الركبة

علاج التواء الركبة يعتمد على تهدئة الألم أولًا، ثم إعادة الحركة تدريجيًا، ثم تقوية العضلات حتى تستعيد الركبة ثباتها الطبيعي. أغلب الإصابات تتحسن دون جراحة إذا تمت معالجتها بالطريقة الصحيحة منذ البداية.

أولًا: العلاج المنزلي

1) راحة مؤقتة دون تثبيت الركبة بالكامل
الراحة مطلوبة خلال اليومين الأولين حتى يهدأ الالتهاب، لكن إبقاء الركبة دون حركة تمامًا يؤدي إلى تيبّسها.
المطلوب هو: راحة متوازنة مع تحريك خفيف للركبة ضمن حدود الألم.

2) كمادات الثلج خلال أول 48 ساعة
الثلج يقلل التورم ويخفف الالتهاب.
يُستخدم لمدة 15–20 دقيقة كل 3–4 ساعات.
يُلف الثلج دائمًا بقطعة قماش، ولا يوضع مباشرة على الجلد.

3) رفع الساق أثناء الجلوس أو النوم
رفع الركبة فوق مستوى القلب يساعد على تصريف السوائل المتجمعة ويقلل التورم بشكل أسرع.

4) مسكنات بسيطة عند الحاجة
الباراسيتامول أمانه أعلى خاصة لكبار السن.
مضادات الالتهاب يمكن استخدامها لفترة قصيرة، لكن بحذر لمرضى المعدة والكلى والضغط.

5) رباط ضاغط أو دعامة خفيفة
يساعد على تقليل الحركة الزائدة ويمنح إحساسًا بالثبات خلال المشي.

6) تجنب صعود الدرج والالتفاف المفاجئ
هذه الحركات تضع ضغطًا زائدًا على الرباط المصاب وقد تزيد التمزق.

هل يمكن علاج التواء الركبة في المنزل؟

نعم، إذا كانت الإصابة خفيفة إلى متوسطة.
تُعد الإصابة قابلة للعلاج المنزلي عندما:

– يقلّ التورم خلال أيام
– يستطيع المريض الوقوف دون إحساس بالخيانة
– تتحسن الحركة تدريجيًا خلال أسبوع

عدم تحسن الأعراض أو استمرار الإحساس بعدم الثبات يعني أن هناك احتمالًا لتمزق أكبر يحتاج فحصًا طبيًا.

هل المشي يساعد في علاج التواء الركبة؟

المشي مفيد فقط عندما يكون الألم خفيفًا ويخف تدريجيًا مع الحركة.
لكن يجب التوقف فورًا إذا:

– الألم يزداد
– الركبة تهتز أو تفقد ثباتها
– يعود التورم بعد المشي

الحركة الخفيفة تساعد في منع تيبّس المفصل، لكن التحميل الزائد قد يطيل مدة الشفاء.

ما الفرق بين الالتواء والتمزق؟

الالتواء:
تمدّد زائد في الرباط، قد يشمل تمزقًا صغيرًا، وغالبًا يتحسن بالعلاج المحافظ.

التمزق:
التمزق هو قطع جزئي أو كامل في الرباط، وعادة يظهر بألم أعلى، وتورم أكبر، وإحساس واضح بعدم الثبات.
التمزق الكامل قد يتطلب العلاج الطبيعي المكثف أو الجراحة حسب الرباط المصاب.

الفارق بينهما يظهر في:
– شدة الألم
– مقدار التورم
– قدرة المريض على المشي
– نتائج الرنين المغناطيسي

متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟

بعض حالات التواء الركبة تكون بسيطة وتتحسن مع الراحة، لكن هناك علامات معيّنة تشير إلى احتمال وجود إصابة أكثر خطورة داخل المفصل، مثل تمزق رباط أو غضروف، أو تجمّع دموي كبير. عند ظهور أي من العلامات التالية، يجب مراجعة الطبيب دون تأخير:

1) وجود ألم شديد يمنع المشي

إذا وصل الألم لدرجة تجعل المريض غير قادر على وضع وزنه على الساق أو لا يستطيع اتخاذ خطوات بسيطة، فهذا يعني أن الإصابة ليست “التواءً خفيفًا”.
السبب المحتمل:
– تمزق جزئي أو كامل في أحد الأربطة
– إصابة غضروفية حادة
– كسر إجهادي

الألم الشديد الذي يمنع المشي يشير إلى أن الركبة غير قادرة على تحمّل الوزن بأمان، ويجب تقييمها بسرعة.

2) تورم كبير يظهر خلال ساعات قليلة

التورم الطبيعي بعد الالتواء البسيط يكون تدريجيًا.
لكن التورم السريع خلال 1–4 ساعات غالبًا يدل على نزيف داخل المفصل أو تمزق في الرباط.

لماذا هذا مهم؟
لأن التورم السريع يعني أن هناك نسيجًا داخل الركبة تضرر بدرجة واضحة، والمفصل امتلأ بسائل أو دم يؤدي إلى ألم وحدّ في الحركة.

3) إحساس بأن الركبة “تخرج من مكانها” أو تفقد ثباتها

إذا وصف المريض أن الركبة “تخونه”، أو يشعر أنها قد تنزلق للأمام أو للجانب، أو وكأنه لا يثق بها عند الوقوف:

هذا يشير عادة إلى إصابة في الأربطة المسؤولة عن الثبات، خصوصًا:
– الرباط الصليبي الأمامي
– الرباط الجانبي الداخلي أو الخارجي

هذا النوع من الإحساس لا يحدث في الالتواء الخفيف، بل في الإصابات التي تحتاج علاجًا متخصصًا وعلاجًا طبيعيًا منظمًا لتجنب عدم الاستقرار المزمن.

4) سماع صوت “طَقّة” قوية وقت الإصابة

الصوت العالي المصحوب بألم فوري وتورم سريع علامة على:
– تمزق في الرباط الصليبي الأمامي
– تمزق غضروف هلالي
– إصابة شديدة في أحد الأربطة الجانبية

الصوت ليس مجرد “فرقعة”، بل يشير غالبًا لانقطاع ليفي داخل الرباط.
هذه الإصابات لا يجب تأجيل فحصها لأنها قد تزداد سوءًا مع الحركة العشوائية.

5) ألم لا يتحسن خلال 48–72 ساعة رغم الراحة والعلاج المنزلي

في الالتواء البسيط يبدأ الألم بالتحسن خلال يومين.
إذا استمر الألم كما هو، أو ازداد، أو بقيت الحركة صعبة، فهذا يعني أن المشكلة أعمق من مجرد تمدد أربطة.

الأسباب المحتملة:
– تمزق غضروفي
– التهاب وتجمّع سوائل داخل المفصل
– إصابة أربطة بدرجة متوسطة أو شديدة
– جسم غضروفي حر داخل المفصل

استمرار الألم يعني ضرورة إجراء فحص سريري وربما تصوير بالرنين لمعرفة المشكلة بدقة.

الخلاصة

التواء الركبة إصابة شائعة تحدث نتيجة حركة مفاجئة أو تحميل زائد على المفصل، لكنها ليست بسيطة كما يعتقد الكثيرون. الأربطة التي تحافظ على ثبات الركبة قد تتمدد أو تتأذى، ومع ذلك يمكن أن تتعافى بشكل ممتاز عند التعامل الصحيح منذ البداية. الراحة المتوازنة، والثلج في الأيام الأولى، وتجنب الحركات المجهدة، ثم العودة التدريجية للحركة—كلها خطوات أساسية تمنع تطور الإصابة.

معظم الحالات لا تحتاج جراحة، لكن الإهمال قد يؤدي إلى ضعف مزمن في الركبة، أو تكرار الالتواء، أو حتى تلف في الغضروف على المدى الطويل.

شاركها مع احبابك

مقالات ذات صلة