التهاب جراب الركبة: الأسباب، الأعراض، التشخيص، وطرق العلاج

التهاب جراب الركبة

التهاب جراب الركبة يبدأ عندما يفقد الجراب وظيفته الطبيعية كمصدّ احتكاك. الجراب كيس رقيق مملوء بكمية بسيطة من السائل، موجود بين العظام والجلد أو بين العظام والأوتار. وظيفته تقليل الاحتكاك أثناء الحركة.

عند تكرار الضغط أو الاحتكاك أو وصول عدوى أو نوبات التهاب مثل النقرس، يمتلئ الجراب بالسائل أكثر من الطبيعي، ويلتهب جداره، ويتحوّل من بنية لينة إلى مصدر ألم وتورم. النتيجة هي ألم سطحي فوق موضع الجراب، وصعوبة في الحركة التي تعتمد على الانثناء أو الركوع.

محتوى المقالة

ما هو التهاب جراب الركبة؟

الجراب يعمل كوسادة انزلاق تسمح للهياكل المحيطة بالمفصل بالحركة دون احتكاك مباشر. عند الالتهاب، يفقد الجراب هذه القدرة. السائل الداخلي يزداد، والأنسجة المحيطة تصبح حساسة للّمس ولأي حركة تتطلب انثناء الركبة.

الالتهاب قد يبدأ بسبب ضغط بسيط، إصابة مباشرة، أو مواد التهابية داخل المفصل كما يحدث في النقرس والروماتويد. عندما يتضخم الجراب يبرز فوق سطح الركبة، ويظهر التورم بشكل واضح، ويصبح الألم محددًا في منطقة واحدة بدل أن ينتشر داخل المفصل. فهم هذه الآلية يوضح للمريض أن المشكلة ليست “داخل المفصل”، بل في الطبقة السطحية التي تحميه.

أسباب التهاب جراب الركبة

  1. الضغط المتكرر على الركبة
    الركوع المتكرر، الجلوس على الأرض لفترات طويلة، أو العمل الذي يتطلب احتكاكًا مباشرًا بالركبة يؤدي لتهيج الجراب الأمامي.

  2. إصابة مباشرة
    ضربة بسيطة على مقدمة الركبة قد تكفي لجعل الجراب يمتلئ بالسائل ويبدأ الالتهاب.

  3. الالتهابات العامة
    النقرس أو التهاب المفصل الروماتويدي يسببان تهيّج الجراب بسبب ترسب البلورات أو نشاط الجهاز المناعي.

  4. الإصابة الجرثومية (التهاب جرثومي)
    يحدث عندما يدخل ميكروب عبر جرح صغير أو شق في الجلد. هذه الحالة مؤلمة وتتطلب علاجًا سريعًا.

  5. ضعف العضلات وتشوهات المشي
    التحميل غير المتوازن يضع ضغطًا متكررًا على الجراب.

أعراض التهاب جراب الركبة

الأعراض تظهر تدريجيًا في أغلب الحالات، وقد تكون مفاجئة بعد حركة معينة أو ضغط زائد.

  • تورم واضح فوق الركبة
  • ألم عند الضغط أو الركوع
  • إحساس بالحرارة في المنطقة
  • محدودية في حركة الثني
  • صعوبة الجلوس على الأرض أو النزول للأسفل
  • في الحالة الجرثومية: احمرار شديد، حرارة، ألم مستمر

الألم عادة سطحي ومحدد مكانه، بعكس ألم المفصل الذي يكون عميقًا ويزيد مع الحركة الكاملة.

ما مضاعفات التهاب جراب الركبة إذا تُرك دون علاج؟

التهاب الجراب يبدأ عادة كالتهاب بسيط ناتج عن ضغط متكرر أو احتكاك مباشر، لكن تركه دون علاج يجعل الالتهاب يتحول من حالة عابرة إلى مشكلة مزمنة. عندما يستمر المرض فترة طويلة، يبدأ جدار الجراب في التثخّن، ويتجمع السائل داخله بشكل أكبر، ويصبح الألم أكثر وضوحًا حتى مع الأنشطة الخفيفة.

في الحالات المهملة، قد يفقد الجراب قدرته على الانزلاق الطبيعي فوق المفصل، فيشعر المريض بصعوبة عند ثني الركبة أو الجلوس أو الركوع. استمرار الضغط والالتهاب يجعل المنطقة حساسة لأي لمس أو حركة بسيطة.

الخطر الأكبر يظهر عند حدوث التهاب جرثومي في الجراب. هذا النوع لا يزول وحده وقد ينتشر إلى المفصل نفسه أو إلى الأنسجة المجاورة، ما قد يسبب ألمًا شديدًا وارتفاع حرارة وحاجة للعلاج بالمضادات الحيوية وقد يتطلب تصريف السائل.

إجمالًا، إهمال العلاج يؤدي إلى ألم مستمر، تورم متكرر، وضعف في القدرة على الحركة، وتحول الحالة إلى التهاب يصعب علاجه مقارنة بالمراحل المبكرة.

كم يستمر التهاب جراب الركبة؟

المدة تعتمد على شدة الالتهاب والسبب:

  • الحالات البسيطة الناتجة عن ضغط خفيف: من أيام إلى أسبوعين
  • الحالات المتوسطة المرتبطة بالعمل أو الركوع الطويل: تمتد لأسابيع
  • الحالات المرتبطة بالنقرس أو الروماتويد: تستمر ما دام المرض غير مضبوط

أنواع التهاب جراب الركبة حسب مكانه

  1. التهاب الجراب الأمامي فوق الرضفة (Prepatellar bursitis)
    هذا الجراب يقع مباشرة فوق عظمة الرضفة، بين الجلد والعظام، وهو أكثر الجرابات تعرضًا للضغط لأن مقدمة الركبة هي التي تلامس الأرض عند الركوع.
    عندما يتعرض الجراب لاحتكاك متكرر — سواء في العمل أو أثناء التنظيف أو الصلاة مع ضغط مباشر — يبدأ بالامتلاء بالسائل ويظهر التورم في مقدمة الركبة بشكل واضح.
    الألم عادة يكون سطحيًا ويمكن تحديد مكانه بالضبط بلمس المنطقة التي فوق العظمة مباشرة.

  2. التهاب الجراب تحت الصابونة (Infrapatellar bursitis)
    يوجد هذا الجراب أسفل الرضفة (صابونة الركبة) مباشرة، قرب الأوتار التي تربط عضلة الفخذ بعظمة الساق.
    هذا المكان يتأثر بالحركات التي تتطلب ثنيًا متكررًا للركبة أو قفزًا أو صعودًا مستمرًا للدرج، لذلك يظهر عادة عند الرياضيين أو أصحاب الأنشطة البدنية.
    الألم هنا يتركز في الجزء الأمامي السفلي من الركبة، ويزداد عند الصعود أو النزول، لأن الأوتار تشدّ على الجراب أثناء الحركة.

  3. التهاب الجراب الأنسي داخل الركبة (Pes anserine bursitis)
    يقع هذا الجراب على الجهة الداخلية من الركبة، أسفل المفصل قليلًا، بين الأوتار والعظم.
    عندما يزداد الضغط على هذه الجهة — بسبب طريقة المشي، السمنة، أو ضعف العضلات — يبدأ الجراب بالالتهاب.
    الألم عادة يظهر عند لمس الجهة الداخلية للساق، ويزداد مع المشي أو صعود الدرج لأن الأوتار الداخلية تعمل بجهد أكبر في هذه الحركات.

هل المشي مفيد لمرضى التهاب جراب الركبة؟

المشي مسموح فقط إذا كان الألم خفيفًا ومستقرًا. الحركة الخفيفة تمنع التيبس.
لكن المشي يصبح ضارًا إذا:

  1. زاد الألم أثناء الحركة
  2. ظهر تورم بعد المشي
  3. كانت الركبة غير مستقرة

كيف تتعامل مع التهاب جراب الركبة في المنزل؟

العلاج المنزلي يهدف إلى تقليل التهيّج داخل الجراب ومنح الركبة فرصة للتعافي. النجاح لا يعتمد على خطوة واحدة، بل على مجموعة إجراءات تعمل معًا لتخفيف الضغط والالتهاب.

1) تخفيف الضغط عن الركبة

الجراب يلتهب عندما يتعرّض لضغط أو احتكاك متكرر، لذلك إعطاء المنطقة “استراحة” هو أهم جزء في العلاج.
يعني ذلك تجنب الركوع، الجلوس على الأرض، أو أي وضعية تضغط مباشرة على مقدمة الركبة.

2) استخدام كمادات باردة خلال أول 48 ساعة

البرودة تقلل التورم وتخفف الالتهاب داخل الجراب.
يُفضّل وضع الكمادة 15–20 دقيقة عدة مرات يوميًا.
الهدف: تهدئة المنطقة ومنع تراكم السوائل أكثر.

3) استخدام كمادات دافئة بعد تحسّن الالتهاب

بعد اليومين الأولين، عندما يقلّ التورم، تساعد الدفء على تحسين تدفق الدم وتخفيف الشدّ حول الركبة.
يُستخدم الدفء فقط إذا لم تكن المنطقة حمراء أو حارّة بشكل واضح.

4) رفع الساق عند وجود تورم

رفع الساق يقلل ضغط السوائل داخل الجراب ويساعد الجسم على تصريفها.
يُفضَّل أن تكون الساق أعلى من مستوى القلب عند الاستلقاء.

5) استخدام مسكنات خفيفة عند الحاجة

المسكنات البسيطة تساعد في تخفيف الألم، وتمكّن المريض من الحركة بشكل مريح.
لكنها لا تعالج السبب، لذلك يجب استخدامها بشكل مؤقت فقط.

6) تجنب الركوع والجلوس على الأرض

هذه الوضعيات تضغط مباشرة على الجراب الملتهب، وقد تزيد الالتهاب حتى وإن كان التورم بسيطًا.
تجنبها يساعد في سرعة التحسن.

7) الحد من صعود الدرج أو أي حركة تسبب تحميلًا زائدًا

صعود الدرج يجعل الأوتار الأمامية تشدّ على الجراب، وبالتالي يزيد الألم والالتهاب.
الابتعاد عنه في الأيام الأولى يمنح الجراب فرصة للعودة لحجمه الطبيعي.

علاج التهاب جراب الركبة طبيًا

العلاج الطبي يختلف من مريض لآخر لأن التهاب الجراب قد يكون بسيطًا ناتجًا عن ضغط خارجي، أو مرتبطًا بمرض التهابي مثل النقرس، أو قد يكون التهابًا جرثوميًا يحتاج تدخلًا سريعًا. لذلك يعتمد العلاج على تقييم الطبيب لشدة الحالة ونوع الالتهاب.

1) الأدوية

تُستخدم مضادات الالتهاب لتخفيف الألم والتورم عندما يكون الالتهاب ناتجًا عن تهيّج أو ضغط أو إصابة خفيفة.
هذه الأدوية تقلل نشاط الالتهاب داخل الجراب وتخفف الإحساس بالحرقة أو الامتلاء في الركبة، لكن استخدامها يكون لفترة محدودة وتحت إشراف طبي خصوصًا لكبار السن أو من لديهم مشكلات في المعدة أو الكلى.

2) العلاج الطبيعي

العلاج الطبيعي مهم لأنه يخفف الضغط على الجراب دون الاعتماد على الأدوية فقط.
يركّز أخصائي العلاج الطبيعي على:

  1. تقوية عضلات الفخذ الأمامية والخلفية
  2. تحسين حركة المفصل
  3. تصحيح طريقة المشي
  4. تمارين لطيفة تقلل الاحتكاك على الجراب

عندما تصبح العضلات أقوى، يقلّ الضغط المباشر على الجراب، وهذا يساعد في منع تكرار الالتهاب.

3) تصريف السائل من الجراب

أحيانًا يتجمع السائل داخل الجراب بشكل كبير، ويصبح الانتفاخ مزعجًا ويؤثر على الحركة.
في هذه الحالة قد يلجأ الطبيب إلى سحب السائل بإبرة دقيقة لتخفيف الضغط والألم.
الإجراء بسيط ويُجرى في العيادة، وقد يُستخدم بعده مضاد التهاب موضعي أو حقنة كورتيزون لتقليل تكرار الالتهاب حسب الحالة.

4) المضادات الحيوية

تُستخدم فقط عندما يكون الالتهاب من نوع جرثومي (بكتيري)، وهي حالة تختلف تمامًا عن الالتهاب العادي.
علاماتها تشمل: حرارة شديدة في الركبة، احمرار واضح، ألم مستمر، وربما ارتفاع الحرارة في الجسم.
في هذه الحالات يجب بدء العلاج فورًا بالمضادات الحيوية، وأحيانًا يجري الطبيب تصريفًا للسائل للتأكد من نوع البكتيريا.

5) الجراحة

الجراحة نادرًا ما تكون ضرورية، ولا تُستخدم إلا عندما:

– يتكرر الالتهاب رغم العلاج
– يصبح جدار الجراب سميكًا بدرجة تعيق الحركة
– يتكون التهاب جرثومي لا يستجيب للأدوية
في هذه الحالات قد يزيل الجراح الجراب أو يعالج الأنسجة المحيطة.
من المهم معرفة أن إزالة الجراب لا تؤثر على حركة الركبة لأن هناك جرابات أخرى تساعد في الحركة.

عوامل تزيد احتمال الإصابة

  • الركوع المتكرر
  • الوزن الزائد
  • ضعف عضلات الفخذ
  • استخدام أحذية غير مناسبة
  • تاريخ سابق للإصابات
  • أمراض التهابية مثل النقرس والروماتويد

كيف يشخص الدكتور محمد التهاب جراب الركبة؟

التشخيص يبدأ من فهم مكان الألم وشكله، لأن التهاب الجراب يسبب ألمًا سطحيًا ومحددًا، بينما أمراض المفصل تعطي ألمًا أعمق. الطبيب يربط بين الأعراض والفحص، ثم يستخدم الفحوص المساندة عند الحاجة.

1) الفحص السريري

الخطوة الأساسية.
يُحدّد فيها الطبيب:

  • موضع التورم بدقة
  • درجة الألم عند اللمس
  • وجود حرارة أو احمرار
  • مدى القدرة على ثني الركبة ومدى تأثر الحركة

الفحص يكشف ما إذا كان الألم في الجراب السطحي أم في المفصل نفسه.

2) تقييم حرارة الجلد ووجود السوائل

ارتفاع الحرارة يوحي بوجود التهاب نشط.
وعند الضغط الخفيف قد يشعر الطبيب بحركة السائل داخل الجراب، ما يؤكد تجمعه.

3) الأشعة السينية

لا تُظهر الجراب نفسه، لكنها مهمة لاستبعاد:

  • كسر
  • خشونة متقدمة
  • تكلسات داخل أنسجة الركبة
    الأشعة تساعد الطبيب على معرفة إن كان الألم مرتبطًا بالعظم بدل الأنسجة السطحية.

4) الرنين المغناطيسي

يُطلب عند الشك في:

  • تمزق أوتار
  • إصابات أربطة
  • وجود مشكلة داخل المفصل
  • التهاب جراب عميق يصعب رؤيته بالفحص

الرنين يوضح الجراب والأنسجة المحيطة بدقة.

5) سحب عينة من السائل (الشفط)

يُجرى إذا كان هناك احتمال لالتهاب جرثومي أو نقرس.
العينة تفيد في تحديد:

  • وجود بكتيريا
  • نوع الخلايا الالتهابية
  • وجود بلورات حمض اليوريك

هذه الخطوة تحسم التشخيص في الحالات المعقّدة.

متى يجب زيارة الطبيب فورًا؟ (علامات لا يجب تجاهلها)

هناك حالات تتطلب تقييمًا عاجلًا لأن تركها قد يؤدي إلى مضاعفات:

  • ألم شديد يمنع المشي أو تحميل الوزن
  • تورم كبير ظهر خلال ساعات
  • حرارة مرتفعة في منطقة الركبة
  • احمرار واضح يشير لالتهاب نشط
  • ارتفاع حرارة الجسم مع ألم الركبة
  • الاشتباه في التهاب جرثومي
  • ألم لا يتحسن خلال 48–72 ساعة رغم الراحة والكمادات

هذه العلامات تدل على أن الالتهاب تجاوز المرحلة البسيطة ويحتاج تدخلًا طبيًا لتجنب تفاقمه أو انتشاره.

الخلاصة

التهاب جراب الركبة مشكلة شائعة، لكنه في الغالب قابل للتحسن بشكل كبير عندما يُفهم سببه ويُعالج بالطريقة الصحيحة. الجراب يعمل كوسادة تقلل الاحتكاك حول الركبة، وعندما يتهيج أو يمتلئ بالسوائل يبدأ الألم والتورم بالظهور. الراحة المؤقتة، وتخفيف الضغط، والعلاج الطبيعي، والأدوية البسيطة غالبًا تكفي لاستعادة الراحة والحركة. أما الحالات التي يحدث فيها التهاب جرثومي، أو تورم سريع، أو ألم يمنع المشي، فهذه تحتاج تقييمًا طبيًا عاجلًا لتجنب المضاعفات.

الاهتمام المبكر بالأعراض، وتعديل العادات اليومية مثل تجنب الركوع واختيار حذاء مناسب، يساعدان بشكل واضح في منع عودة الالتهاب. ومع العلاج المناسب، يستطيع معظم المرضى استعادة نشاطهم المعتاد دون مشاكل طويلة المدى.

شاركها مع احبابك

مقالات ذات صلة